تشخيص شلل الأطفال (Poliomyelitis Diagnosis) :

ربما يشتبه طبياً في الإصابة بشلل الأطفال في الأفراد الذين يعانون من أعراض حادة من الشلل الرخوي في طرف واحد أو أكثر من طرف مع قلة أو انعدام في رد الفعل الوتري (tendon reflex) في الأطراف المتأثرة (ربما يمكن أن ينسب إلى سبب آخر واضح احياناً) بدون فقدان الإحساس والإدراك.ويعتمد التشخيص المعملي عادة على فحص التعافي من شلل الأطفال بواسطة فحص عينة من البراز أو مسحة من البلعوم، ويمكن تشخيص الأجسام المضادة لفيروس شلل الأطفال التي عادة ما تكتشف في دم المرضى المصابين بالعدوى في مرحلة مبكرة من مراحل العدوى.
كما يظهر تحليل السائل الدماغي الشوكي (cerebra-spinal fluid) للمريض الذي يتم جمعه عن طريق السائل النخاعي القطني (lumbar puncture) زيادة في عدد خلايا الدم البيضاء (الخلايا الليمفاوية الأولية) وارتفاع طفيف في مستوى البروتين، ويعتبر اكتشاف الفيروس في تحليل (CSF) هو تشخيص للإصابة بشلل الأطفال ولكن هذا نادراً ما يحدث.إذا تم فصل فيروس شلل الأطفال من مريض مصاب بشلل رخوي حاد عادة ما يتم اختباره عن طريق البصمة الوراثية، ومؤخراً عن طريق تفاعل البوليمراز المتسلسل (sequencing polymerase) لتحديد نوع الفيروس “هل هو طبيعي ام هو مشتق من سلالة من فيروس شلل الأطفال المستخدمة لإنتاج لقاحات شلل الأطفال”، من المهم تحديد مصدر الفيروس، وذلك لأن حالات شلل الأطفال التي تم الإبلاغ عنها والناتجة عن فيروس شلل الأطفال الطبيعي تقدر بنحو 200 إلى 3000 حالة فقط ناقلة للعدوى عديمة الأعراض.


بداية ايجاد علاج للمرض:


في عام 1950 قام ويليام هامون في جامعة بيتسبرغ بتنقية غلوبولين غاما (إحدى مكونات بلازما الدم للأشخاص المتعافين). والذي اقترح هامون أن غلوبولين غاما الذي يحتوي على أجسام مضادة لفيروس شلل الأطفال يمكن استخدامه لوقف عدوى فيروس شلل الأطفال ومنع المرض وتقليل شدة المرض في المرضى الآخرين الذين أصيبوا بشلل الأطفال، وكانت النتائج لتجربة سريرية كبيرة واعدة تبين أن غلوبولين غاما فعال بنسبة 80% تقريباً لمنع تطور التهاب سنجابية النخاع الشللي، وقد ثبت أيضاً أنه يقلل من شدة المرض لدى المرضى الذين أصيبوا بشلل الأطفال بسبب الامتداد المحدود لغلوبولين غاما (بلازما الدم) والذى اعتبر لاحقاً أنه غير عملي للإستخدام على نطاق واسع وركز المجتمع الطبي على تطوير لقاح شلل الأطفال.


اللقاحات:


يتم استخدام نوعين من اللقاحات في جميع أنحاء العالم لمكافحة شلل الأطفال، يؤدي كلا النوعين إلى الحصانة ضد شلل الأطفال مما يمنع بشكل فعال انتقال فيروس شلل الأطفال الطبيعي من شخص لآخر، وبالتالي حماية كل من متلقي اللقاح الفردي والمجتمع عامة (وهو ما يسمى بالمناعة الجماعية).تم تطوير أول لقاح مرشح لشلل الأطفال لعالم الفيروسات هيلاري كوبرويسكي، بناء على نمط مصلي واحد لفيروس حي لكنه ضعيف. وقد أعطى لقاح كوبرويسكي النموذجي لصبي يبلغ من العمر ثماني سنوات يوم 27 فبراير 1950، واصل كوبرويسكي العمل على اللقاح طوال الخمسينات مما أدى إلى تجارب واسعة النطاق في الكونغو البلجيكية آنذاك وتطعيم سبعة ملايين طفل في بولندا ضد الأنماط المصلية PV1 و PV3 بين عامي 1958 و1960، بينما طور لقاح فيروس شلل الأطفال الثاني في عام 1952 من قبل جوناس سولك في جامعة بيتسبرغ وأعلن للعالم في 12 أبريل 1955، يُعد لقاح سولك أول لقاح لفيروس شلل الأطفال مبنياً على فيروس شلل الأطفال المزروع في نوع من أنسجة كلية القرد (خلية فيرو) والذي يعطل كيميائيا باستخدام الفورمالين.
بعد جرعتين من لقاح فيروس شلل الأطفال المعطل (الذي يعطى عن طريق الحقن) يطور 90% أو أكثر من الأشخاص أجساماً مضادة للحماية لجميع الأنماط المصلية الثلاثة لفيروس شلل الأطفال و99% على الأقل يُصبح محصناً ضد فيروس شلل الأطفال بعد ثلاث جرعات.

تطور اللقاحات:


في وقت لاحق طور ألبرت سابين لقاحاً حياً آخر لشلل الأطفال يؤخذ عن طريق الفم، وقد نتج عن طريق المرور المتكرر للفيروس عبر الخلايا غير البشرية في درجات حرارة دون فيزيولوجية، يتكاثر فيروس شلل الأطفال الموهن في لقاح سابين بكفاءة عالية في القناة الهضمية وهو الموقع الأساسي لعدوى فيروس شلل الأطفال وتكاثره، لكن سلالة اللقاح غير قادرة على التكاثر بكفاءة داخل أنسجة الجهاز العصبي، جرعة واحدة من لقاح شلل الأطفال الفموي تنتج مناعة ضد جميع الأنماط المصلية الثلاثة لفيروس شلل الأطفال في حوالي 50% من المتلقين، بينما ثلاث جرعات من لقاح الفم الحي الموهن تنتج أجساماً مضادة للحماية من جميع أنواع فيروس شلل الأطفال الثلاثة في أكثر من 95% من المتلقين، وقد بدأت التجارب السريرية على لقاح سابين في عام 1957، وفي عام 1958 تم اختياره في منافسة مع اللقاحات الحية لكوبرويسكي وباحثين آخرين من قبل المعاهد الوطنية الأمريكية للصحة.

تم ترخيصه في عام 1962 وأصبح بسرعة لقاح شلل الأطفال الوحيد المستخدم في جميع أنحاء العالم، ولأن لقاح شلل الأطفال المعطل الفموي غير مكلف وسهل الإدارة وينتج مناعة ممتازة في الأمعاء (مما يساعد على منع العدوى بالفيروس الطبيعي في المناطق التي يستوطن فيها المرض). فأصبح هو اللقاح المفضل لمكافحة شلل الأطفال في العديد من البلدان، وفي حالات نادرة جداً يتحول الفيروس الموهن في لقاح شلل الأطفال الفموي إلى شكل يمكن أن يسبب المرض مرة أخرى.

في عام 2017 فاق عدد الحالات الناجمة عن فيروس شلل الأطفال المشتق من اللقاح حالات فيروس شلل الأطفال الطبيعي للمرة الأولى بسبب انخفاض عدد حالات شلل الأطفال الطبيعية بشكل كبير.اتجهت معظم الدول المتقدمة إلى لقاح شلل الأطفال المعطل (الذي لا يمكن عكس عمله) إما باعتباره اللقاح الوحيد ضد شلل الأطفال أو بالاشتراك مع لقاح شلل الأطفال الفموي.

#حياة_تتعاش